بينما شرعت المملكة العربية السعودية في خوض غمار عملية تحول كبيرة، يستمر مصرف الراجحي على درب التغيير والتوسع وعلى العهد به دوماً؛ أن يكون مساهماً فعالاً في تحقيق رؤية المملكة 2030م. وخلال العام موضوع هذا التقرير، سجلنا تقدماً ملحوظاً في عملية التحول لنواصل تحقيق أفضل العوائد للمساهمين مع تعزيز مشاركة الموظفين والارتقاء بمستوى رضا العملاء نحو مستويات أفضل.
يظل الهدف الرئيسي لكافة فئات أصحاب المصالح هو تحقيق القيمة من خلال النمو المتسارع بوتيرة أعلى من البنوك الأخرى، مع توخي الحيطة والواقعية. ونجح مصرف الراجحي في التفوق على منافسيه في السوق المصرفية مجدداً، ليسجل زيادة في حصصه السوقية عبر مختلف المنتجات الرئيسية. فقد سجلت محفظة التمويل العقاري نمواً بنسبة تتجاوز 27٪ من خلال طرح منتجات جديدة مثل منتج "البناء الذاتي" الذي يتيح لعملاء المصرف ومستفيدي صندوق التنمية العقارية من بناء منازلهم من خلال دفعات نقدية حسب مراحل البناء، وهو يصب في مصلحة المستفيدين من برامج وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية. وساهمت تلك الجهود في زيادة حصة المصرف في السوق إلى 27.9٪ مقارنة بنسبة 20.6٪ قبل ثلاث سنوات. كما سجل المصرف زيادة في حصته في السوق بلغت 4.6٪ و6.6٪ و30٪ من حيث عدد مراكز الحوالات المالية والحسابات الجارية والعميلات، على التوالي. وفي ظل وجود 551 فرعاً للمصرف، بما في ذلك 157 فرعاً وقسماً للسيدات، علاوة على 300 صالة لكبار العملاء، حرصنا على أن تظل شبكة توزيع المصرف الأكبر والأوسع انتشاراً والأكثر تقدماً في التكنولوجيا على مستوى المملكة.
وابتغاءً لتحقيق النمو السريع المنشود، قدمنا العديد من المنتجات الجديدة هذا العام، ومنها منتج التحوط المستقبلي FX Forwards، وهو أول منتج متوافق مع الشريعة الإسلامية للتحوط من تذبذب سعر الصرف، بالإضافة إلى برنامج "تمويل سلسلة التوريد" الذي يوفر مجموعة شاملة من حلول التمويل للعملاء من قطاع الشركات. كما دشن المصرف منتج "تمويل نقاط البيع للتاجر" والذي صمم ليتناسب مع احتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، حيث يجمع بين خدماتنا لهذه الشريحة من المشاريع مع الخدمات المصرفية للأفراد، في إطار تعزيز شبكتنا المصرفية وخدمات العملاء.
وبينما استمر تركيزنا على استراتيجيتنا للتوسع في المملكة، واصلنا الاستثمار خارج المملكة. ففي الكويت، أصبحنا أول مصرف غير كويتي يفتتح فرعه الثاني هناك. وفي الأردن، افتتحنا ثلاثة فروع جديدة تزود العملاء بمجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات المصرفية المتميزة. وسجلت عملياتنا في ماليزيا أداءً قوياً، حيث أبرم المصرف اتفاقاً مدته 10 أعوام مع شركة صن لايف ماليزيا تكافل برهارد، لتكون الشركة الموزع الوحيد لمنتجات وخدمات "تكافل الأسرة" في ماليزيا.
ويبقى تركيزنا على إدارة ميزانيتنا العمومية بفعالية في بيئة مصرفية تشهد تصاعداً في أسعار الفائدة، وحققنا نمواً لافتاً بنسبة 6٪ في الودائع المستقرة تحت الطلب، مما أدى إلى زيادة حصتنا السوقية والتي تمثل أكثر من 25٪ وتشكل اليوم 94٪ من إجمالي الودائع في المصرف. ونتيجة لذلك، تحسن هامش الربح الصافي للمصرف بـ 26 نقطة أساس في عام 2018 إلى نسبة 4.34٪. وخلال العام 2018، عزز المصرف من حضوره في سوق صكوك الشركات وشارك في إصدار رفيع المستوى في المملكة. كما شاركنا في العديد من المعاملات المجمعة الكبيرة.
بالنسبة لموظفينا، نحرص دائماً على تهيئة أفضل بيئة عمل لهم ومنحهم فرص التطوير الوظيفي التي يحتاجون إليها لتحقيق التفوق والتميّز الدائم في العمل، ولن يتأتى ذلك بدون مشاركتهم الفاعلة وتمكنهم من توقع وتلبية الاحتياجات المصرفية لعملائنا وتمكينهم من خدمة عملائنا على الوجه الأمثل.
نفذ مصرف الراجحي خلال العام 2018 ما إجماليه 65 ألف ساعة من برامج التدريب والتطوير التي أسهمت إلى حد كبير في احتفاظ المصرف بأصحاب الأداء العالي. وبهدف تعزيز التنوع وزيادة عدد الموظفات، أطلق المصرف أول برنامج لتطوير مستوى الخريجات خلال العام. وفي 2018، ارتفع عدد الموظفات بنسبة 54٪ مقارنة بعام 2015، وهو ما يمثل 13.5٪ من إجمالي الكادر الوظيفي في المصرف. وإسهاماً في تحقيق رؤية المملكة 2030، قام المصرف بزيادة معدل السعودة إلى 96٪ خلال العام.
ولم نتوانَ عن منح موظفينا كل فرصة للتميز في أداء مهامهم. وعلى سبيل المثال، أطلقت مجموعة الموارد البشرية ضمن رحلتنا للتحول العديد من المبادرات المبتكرة ومنها "سهل"، وهو تطبيق جديد للهواتف المحمولة متكامل مع أنظمة الموارد البشرية بالمصرف ومخصص للموظفين لطلب خدمات الموارد البشرية من أجل تعزيز مرونة استخدام هذه الخدمات وطلبها.
يظل عطاء مصرف الراجحي للمجتمعات التي ينشط بها جزءاً راسخاً من ثقافته وجوهر أعماله. فعلى مدار العام، نفذ مصرف الراجحي أكثر من 75 مبادرة تطوعية في 22 مدينة في مختلف أرجاء المملكة العربية السعودية شارك فيها 3,000 موظف وموظفة، وبلغ عدد الساعات التطوعية ما يزيد على 14 ألف ساعة. وهدفنا أن يصل عدد ساعات برامج المسؤولية الاجتماعية للمصرف إلى 50 ألف ساعة بحلول العام 2020م.
نكرس جهود موظفينا وأنظمتنا الرقمية في سبيل خدمة عملائنا وتلبية احتياجاتهم وتحقيق أعلى مستوى ممكن من رضاهم عن خدماتنا. ونحرص على رصد مؤشر صافي نقاط الترويج (NPS) لقياس معدلات توصية العملاء للآخرين للتعامل مع المصرف. ومقارنة ببقية بنوك المملكة، فقد تحسن أداء المؤشر من 14٪ في 2015م إلى 42٪ في 2018م، ونتبوأ الآن المرتبة الثانية بين 12 بنكاً في المملكة العربية السعودية صعوداً من المرتبة السابعة في العام 2015م.
كما نحتل مكانة رائدة في الحضور عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ فالمصرف في صدارة البنوك السعودية عبر تويتر ويوتيوب وإنستغرام، ونعمل حالياً على تأسيس مركز للابتكار في مقرنا الجديد لاستقبال قدر أكبر من تعليقات العملاء حول تصميم وتفضيلات الميزات والمنتجات الجديدة. وساهمت التعليقات والمقترحات المقدمة من العملاء في تعزيز قدرتنا على تحسين تجربة العملاء بشكل أكبر.
وخلال العام 2018م، طرحنا ١١ منتجاً جديداً ولدينا خطط لطرح منتجات أخرى خلال عام 2019م وما يليه.
بات الاتصال التكنولوجي يمثل السمة الأساسية في عالمنا اليوم. لذلك، وفي سبيل تلبية احتياجات عملائنا، علينا أن نواكب أحدث الابتكارات التكنولوجية الناشئة في السوق والتي تستحدثها أكبر الشركات العالمية وحتى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا وخدمة المستهلك. ولأننا ندرك عدم سهولة هذا التحدي، فقد شرعنا بالفعل في التركيز على بعض أحدث الابتكارات في السوق، ومن بينها تقنية البلوك تشين، حيث دخل المصرف في شراكة مع ريبل نت، شبكة المدفوعات العالمية التي تسهل إجراء الاتصال والمعاملات مع العملاء عبر شبكة تضم أكثر من 200 مصرف ومقدم خدمة الدفع في جميع أنحاء العالم.
ولتلبية احتياجات العملاء، ينهض المصرف بدور قيادي في الابتكار الرقمي. فخلال العام 2018م، قمنا بتسخير الابتكارات التكنولوجية مثل تكنولوجيا التعرف على البصمات والتوقيعات الإلكترونية لجعل الخدمات المصرفية أكثر أماناً وملاءمة لعملائنا.
نمضي قدماً في رحلة التحول الرقمي، بتركيز أكبر على تطوير خدماتنا ومنتجاتنا عبر شبكة الإنترنت وعبر الجوال، في سبيل توسيع نطاق الحضور الرقمي. ومع نهاية العام، تم تنفيذ 56٪ من معاملات العملاء رقمياً. وعلاوة على ذلك، سجل عدد المستخدمين الأفراد النشطين عبر منصة "المباشر" للخدمات المصرفية الإلكترونية للمصرف نمواً قوياً بلغ 61٪ خلال 2018 ليصل إلى 3.6 مليون مستخدم، بينما زاد عدد المستخدمين من الشركات بنسبة 12.5٪ ليصل إلى قرابة 40 ألف مستخدم. ولجهة نقاط البيع، استأثر المصرف بنسبة 18.9٪ من إجمالي قيمة معاملات نقاط البيع في المملكة، مقارنة بنسبة 16.3٪ في 2017. كما ركبنا 250 كشك خدمة ذاتية ونخطط لإضافة 200 كشك آخر في العام 2019. وفي 2018، نُفذت 25٪ من المعاملات إما باستخدام الجوال أو الكمبيوتر. كما نحرص على عقد شراكات جديدة مع شركات التكنولوجيا المالية (فينتك) في مجالات مختلفة من أعمالنا، بما في ذلك المدفوعات، وتوسيع استخدام الروبوتات في عملياتنا.
حرصاً من مصرف الراجحي على ضمان تنفيذ أعلى معايير الالتزام عبر جميع أنشطته وأقسامه، يحافظ المصرف، ضمن أهدافه الشاملة، على برنامج التزام "من الطراز العالمي"، ويواصل الاستثمار في أحدث أنظمة الحوكمة والالتزام وشؤون العاملين والعمليات المدعومة تكنولوجياً. وقد نجح المصرف في تحديث أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والعقوبات، وتمكن من بلوغ مرحلة النضج الكاملة.
مع استمرار المصرف في الارتقاء بمعايير وإجراءات الالتزام، ركزنا على حماية مصالح عملائنا واستيفاء المتطلبات الصارمة للجهات الرقابية والتنظيمية المحلية والدولية. وخلال العام، وحرصاً على التزامنا بجميع متطلبات التنظيم والتطورات الجديدة، قام المصرف بتحديث دليل الحوكمة، وكذلك جميع السياسات والإجراءات المعتمدة لأعماله في جميع أنحاء المملكة وفروعه في الخارج. كما سنواصل جهودنا في تحسين العمليات، من قبيل الحلول الرقمية لموافقات ائتمان الأفراد، فحص العقوبات، وغيرها من العمليات التشغيلية. وسنعمل في المستقبل القريب على تعميم هذه المبادرات على بقية أعمال المصرف حتى يتمكن المصرف من تحسين كفاءة وفعالية إداراته بدرجة أكبر. كما يعد المصرف من أكثر المصارف استخداماً لتقنية "الروبوتات" لأتمتة عملياته المصرفية في منطقة الشرق الأوسط، من خلال 253 روبوتاً تتولى تنفيذ 22 ألف معاملة يومياً، بما يؤدي إلى تحسين وقت التشغيل. كما تم الانتهاء من أعمال إنشاء المقر الرئيسي الجديد ومركز البيانات خلال العام.
لا يسعني في الختام إلا أن أعرب عن شكري وتقديري لرئيس مجلس الإدارة وأعضاء المجلس الموقرين لما يقدمونه من دعم وتوجيه سخي، ولعملاء المصرف ومستثمريه الكرام على هذا الولاء الصادق، وللأخوة أفراد فريق عمل المصرف جميعهم لالتزامهم وعملهم الجاد الذي لا يبخلون فيه بأي جهد.
لن تخبو جذوة الطموح والإقدام التي تبقى وضاءة قوية في مصرف الراجحي. ولقد كانت تلك الروح وذلك الحماس ركيزة نجاح المصرف ومكانته المرموقة على مدار العقود الستة الماضية، وليس لدي أدنى شك في أن تفاني فرق الإدارة العليا وأفراد فريق عملنا، بجانب استراتيجيتنا المستقبلية (ABCDE) القائمة على توسيع اعتماد أحدث حلول التكنولوجيا والابتكارات في أعمالنا، ستواصل دعم جهود المصرف لتحقيق المزيد من النجاحات على المدى الطويل.
ستيفانو باولو برتاميني
الرئيس التنفيذي