السياق العالمي

نظرا للتعافي الذي شهده الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من عام 2021م والذي بلغ متوسطا أفضل من المتوقع في مختلف الأقاليم، تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة 5.5% في عام 2021م وبنسبة 4.2% في عام 2022م. ومن المتوقع أن تتفاوت قوة هذا التعافي بشكل كبير في جميع الدول، بسبب إمكانيات التوصل إلى العلاجات الطبية، وفعالية السياسات الداعمة، والتعرض للآثار الممتدة بشكل غير مباشر عبر البلدان، والخصائص الهيكلية منذ بداية الأزمة. غير أن الموافقات المتعددة على التطعيمات وبدء حملات التطعيم في بعض البلدان تمثل نقطة انطلاق قوية للتوقعات العالمية للأعوام 2021م – 2022م. وعلى الرغم من الخسائر البشرية الهائلة والمتنامية نتيجة للوباء، إلا أن النشاط الاقتصادي تكيف مع تقليص الأنشطة ذات التواصل البشري المكثف بمرور الوقت. ومن المتوقع أن توفر تدابير السياسات الإضافية التي أُعلنت في الولايات المتحدة واليابان المزيد من الدعم للاقتصاد العالمي خلال الفترة 2021م – 2022م.

وتتنوع مسارات التعافي في الاقتصادات المتقدمة، حيث من المتوقع أن تستعيد الولايات المتحدة واليابان مستوى نشاطها الاقتصادي لأواخر عام 2019م في النصف الثاني من عام 2021م. ومن المتوقع أن تظل الأنشطة الاقتصادية تحت مستوى أواخر عام 2019م مع حلول عام 2022م في منطقة اليورو والمملكة المتحدة. ويتجلى التفاوت الكبير الذي تشهده البلدان في اختلاف استجابات الصحة العامة والسلوكية للعدوى، والمرونة وإمكانية التكيف التي يبديها النشاط الاقتصادي مع الحدود المفروضة على الحركة، والاتجاهات الموجودة مسبقا، والجمود الهيكلي نتيجة دخول الأزمة. من المتوقع أن تشهد الصين تعافيا قويا من خلال تطبيق إجراءات احتواء فعالة، والاستثمار العام ودعم السيولة من البنك المركزي، بالمقارنة مع دول أخرى في المنطقة. ومن المرجح أن تواجه البلدان المصدرة للنفط والاقتصادات القائمة على السياحة داخل المجموعة أوقاتاً عصيبة بشكل خاص بسبب التباطؤ الذي يشهده السفر عبر الحدود في العودة إلى طبيعته، وآفاق التوقعات المنخفضة لأسعار النفط.

من المحتمل أن تنمو أحجام التجارة العالمية بنسبة 8% في عام 2021م، قبل أن تنخفض إلى 6% في عام 2022م. وتشير التوقعات إلى بطء تعافي تجارة الخدمات بسبب انخفاض السياحة الخارجية والسفر لغرض العمل حتى ينخفض خطر انتقال العدوى في كل مكان. ويتوقع للتضخم أن يظل منخفضا خلال الفترة 2021م – 2022م، حيث تصل التوقعات للاقتصادات المتقدمة إلى نسبة 1.5% وللأسواق الناشئة والاقتصادات النامية إلى أعلى بقليل من نسبة 4%، وهو معدل أقل من المتوسط التاريخي.

ومن المتوقع أن ينخفض مستوى انتقال العدوى على المستوى المحلي بنهاية عام 2022م، في ظل تزايد توفر اللقاحات وتطور العلاجات والاختبارات والتتبع.

 

الاقتصاد السعودي

وفقا لبيان الميزانية الصادر عن وزارة المالية للعام المالي 2022م، فإنه من المتوقع زيادة نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للمملكة العربية السعودية بنسبة 2.9% في العام المالي 2021م، مدعوما إلى حد كبير بالزيادة الواسعة في الأنشطة الاقتصادية غير النفطية. وسيستمر ارتفاع مساهمة الأنشطة الاقتصادية غير النفطية في إجمالي الناتج المحلي في ظل تخفيف تدابير احتواء الجائحة على المستوى المحلي واستعادة ثقة المستهلكين والأعمال بسبب أسعار النفط المرتفعة عالميا.

ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي إيرادات المملكة في عام 2021م ليصل إلى 930 مليار ريال سعودي (248 مليار دولار) مقارنة في 782 مليار ريال سعودي (208 مليار دولار) في عام 2020م، على الرغم من الانخفاض البالغ نسبته 3.4% في إنتاج الخام السعودي في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2021م. ومن المتوقع أن تصل الإيرادات إلى 1.045 تريليون ريال سعودي (279 مليار دولار)، بما يعكس زيادة بنسبة 12% عن عام 2021م، حيث تستمر تخفيضات الإنتاج المفروضة من منظمة أوبك بلس. ومن المتوقع أن تتقلص النفقات من 1.015 تريليون ريال (271 مليار دولار) في عام 2021م إلى 955 مليار ريال (255 مليار دولار) في عام 2022م، مما يحول عجز الموازنة البالغ نسبته 2.7% إلى فائض بنسبة 2.5%. وسيستمر تركيز النفقات على النمو الاقتصادي، وتحسين كفاءة الإنفاق وخلق الفرص الوظيفية وتطوير التعليم، والرعاية الصحية والتنمية الاجتماعية كجزء من مهمة تحقيق أهداف رؤية 2030.

يعكس نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة بنسبة 5.4% في الربع الثالث من عام 2021م تقليص اعتماد المملكة على الإيرادات النفطية من خلال تنمية الصناعات غير النفطية. ومن المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر بالقطاع غير النفطي المحلي إلى جانب الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط إلى دعم إجمالي الناتج المحلي في عام 2022م.

 

القطاع المصرفي

النظرة العالمية

دفع تفشي جائحة كورونا المصارف للاستفادة من الدعم المقدم من الجهات الحكومية والذي تمثل في الدعم المباشر كتدابير السياسة المالية والنقدية والدعم غير المباشر كتخفيف اشتراطات السيولة. وقامت الجهات التنظيمية على مستوى العالم بتخفيف القواعد والإرشادات الخاصة بتحفيز الإقراض المصرفي وتخفيف الآثار الناتجة عن التقلبات.

تحسن صافي توقعات التصنيف الائتماني للمصارف بشكل ملحوظ، حيث ارتفع من نسبة %31- في أكتوبر من عام 2020م إلى ما نسبته 2% في نوفمبر من عام 2021م. وحازت حوالي 74% من المصارف على توقعات مستقرة، بينما بلغت التوقعات السلبية للمصارف نسبة 12% والتوقعات الإيجابية نسبة 14%.

أدت جائحة كورونا إلى تسريع عملية التحول الرقمي عالمياً وتجاوبت المصارف بسرعة مع عمليات الإغلاق من خلال تعزيز منتجاتها وخدماتها الرقمية. وسيسهم الاستخدام المتزايد للبطاقات والمدفوعات عبر الهاتف المحمول إلى تسريع الانتقال إلى الاقتصادات غير النقدية. وظهرت أهمية جاهزية المصارف ومرونتها لتحويل نماذج الأعمال إلى الوضع الطبيعي الرقمي الجديد بشكل سريع لتلبية الرغبات والتفضيلات المتغيرة للعملاء. ومع ذلك، ستستمر العلاقات الشخصية في لعب دور مهم. ستزيد قطاعات الخدمات المصرفية للشركات والاستثمار وإدارة الموجودات من منتجاتها الرقمية. ومن المتوقع أن تدفع الجهات التنظيمية نحو التحول الرقمي، بحيث تحيط بالاتجاهات الناشئة الجديدة وتزيد من تركيز الإشراف على تقنيات سلسلة الكتل (blockchain).

القطاع المصرفي السعودي

يلعب القطاع المصرفي دورا مركزيا في رؤية المملكة 2030، من خلال جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتسهيل التنويع الاقتصادي. كانت مجالات النمو الرئيسية في القطاع المصرفي السعودي هي التمويل العقاري وتمويل الشركات.

نمت عقود التمويل العقاري (المنازل والشقق والأراضي) بشكل غير اعتيادي منذ عام 2016م وذلك وفقا للبنك المركزي السعودي (ساما). وكان الدافع وراء هذا النمو مبادرات وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية لتحقيق الهدف الرئيسي المتمثل في زيادة ملكية المنازل بنسبة 70% بحلول عام 2030.

ويعد توسيع نطاق تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال برنامج كفالة مجالا رئيسيا آخر من مجالات التركيز التي توسعت بسرعة على مر السنين. ويمثل التحول الرقمي بهدف زيادة المنتجات والخدمات المصرفية والنهوض نحو اقتصاد غير نقدي مجالا آخر ذا أهمية. وتتبنى البنوك الرقمنة لتوسيع وصول المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفي الوقت الحالي يتم فتح ما يقارب نسبة 80% من الحسابات الجديدة رقميا، وبلغت المعاملات المصرفية المحولة إلى الوضع الرقمي ما نسبته 30 إلى 50%.